أمّا الكتاب : فقوله تعالى في إبراهيم عليهالسلام (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (١).
ووجه الاستدلال بها : أنه قد وقع الإجماع على إجابة دعوة إبراهيم عليهالسلام إلّا من استثناه الله تعالى من أهل الظلم من ذريته ولم تقع العصمة بعد أهل الكساء إلّا لجماعة العترة عليهمالسلام من جملة ولد إبراهيم عليهالسلام فكانوا أهلا للإمامة بتأهيل الله لهم.
وهذه الآية دالّة على إمامة العترة عليهمالسلام كما هي دالّة أيضا على إمامة علي والحسنينعليهمالسلام لأنه قد ثبت أنّ الأفضل أولى بالإمامة من المفضول.
فإن قيل : إن جماعة الأمّة أيضا معصومة فهلّا كانت الإمامة فيهم كافة؟
قلنا : إنما كانت جماعة الأمّة معصومة لدخول العترة عليهمالسلام في جملتهم لما تقدم ذكره في إجماعهم من الحجة على ذلك ولما سيأتي إن شاء الله تعالى.
فإن قيل : فيلزم من هذا أن يجب أن يكون الإمام معصوما [ولم يشترطوا ذلك]؟
قلنا : لا يلزم ذلك لأن المعصوم لا طريق إليه إلّا الوحي ، ولم يرد الوحي بعصمة رجل بعينه بعد أهل الكساء عليهمالسلام ، فلو شرطت العصمة لبطلت الإمامة أصلا والله أعلم.
ولنا من الكتاب أيضا : قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ، وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً
__________________
(١) البقرة (١٢٤).