قال عليهالسلام : وهذا لا شكّ في صحته لموافقته الكتاب من نحو قوله تعالى : (ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا) (١).
والعدوّ يعمّ الكفار وأهل الطغيان والبغاة والمنافقين.
قال : ولأنهم حذفوا الزيادة من الخبر وهي تدل على قولنا ، لأنّ لفظ الخبر : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم «لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونيّة» أخرجه بزيادته البخاري ومسلم «ومن كان بين العدوّ فيبعد منه الجهاد».
قال «جمهور أئمتنا عليهم» «السلام : وتجب» الهجرة «من دار الفسق» وهي : ما تظاهر أهلها بالعصيان الذي لا يوجب الكفر ، أو ظهر من غير جوار كما تقدم.
وسواء كان العصيان بالبغي أم بغيره «خلاف الإمام يحيى عليهالسلام» والفقهاء الأربعة ومن تبعهم فإنهم لا يثبتون دار الفسق ولا الهجرة عنها.
«لنا قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ...) إلى قوله تعالى : (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً) (٢) «ولم يفصل» تعالى بين دار الكفر ودار الفسق لأنّ العلة العصيان.
وفي قوله تعالى : (فِيمَ كُنْتُمْ) من التوبيخ لهم بأنهم لم يكونوا في شيء من الدين حيث قدروا على المهاجرة ولم يهاجروا ، فقالوا : كنّا مستضعفين اعتذارا ممّا وبّخوا به واعتلالا بالاستضعاف ما لا يخفى فبكّتتهم الملائكة بقولهم (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها) (٣). أبلغ تأكيد على وجوب الهجرة.
«و» لنا أيضا : «قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم» : «لا يحل لعين ترى
__________________
(١) الأنفال (٧٢).
(٢) النساء (٩٧).
(٣) النساء (٩٧).