وآله وسلّم أنه قال : «يا ابن مسعود : لا يجيء هلاك أمّتي إلّا من الفقهاء وعلماء السّوء ومنهم هلاك الدين» ، يا ابن مسعود : قال الله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (١).
ولمّا خالط الزهري السلاطين كتب إليه أخ له في الدين :
عافانا الله وإيّاك أبا بكر من الفتن فقد أصبحت بحال ينبغي لمن عرفك أن يدعو الله لك ويرحمك ، أصبحت شيخا كبيرا وقد أثقلتك نعم الله بما فهّمك من كتابه وعلمك من سنّة نبيئه ، وليس كذلك أخذ الله الميثاق على العلماء قال الله سبحانه : (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ) واعلم : أن أيسر ما ارتكبت وأخف ما احتملت : أنك أنّست وحشة الظالم وسهلت سبيل الغيّ بدنوّك ممّن لم يؤد حقّا ولم يترك باطلا حين أدناك اتخذوك قطبا تدور عليك رحى باطلهم وجسرا يعبرون عليك إلى بلائهم وسلّما يصعدون فيك إلى ضلالهم ويدخلون بك الشك على العلماء ويقتادون بك قلوب الجهلاء ، فما أيسر ما عمروا بك في جنب ما خرّبوا عليك ، وما أكثر ما أخذوا منك فيما (٢) أفسدوا عليك من دينك ... إلى آخر الكتاب. ذكر هذا في الكشاف.
وروي عن زيد بن علي عليهالسلام من رسالته التي كتبها إلى العلماء في وقته ومنها قوله : (عباد الله : إن الظالمين قد استحلوا دماءنا فأخافونا في ديارنا وقد اتخذوا خذلانكم حجة علينا فيما كرهوه من دعوتنا وفيما سفهوه من حقّنا ، وفيما أنكروه من فضلنا ، عباد الله : فأنتم شركاؤهم في دمائنا وأعوانهم على ظلمنا فكل مال لله أنفقوه وكل جمع جمعوه وكل سيف شحذوه وكل عدل تركوه وكل جور ركبوه وكل ذمّة لله أخفروها وكل مسلم أذلّوه ، وكل كتاب نبذوه وكل حكم لله عطّلوه وكل عهد لله نقضوه فأنتم المعاونون لهم بالسكوت عن نهيهم عن السوء.
__________________
(١) الجمعة (٥).
(٢) (ض) في جنب ما أفسدوا وفي (ن) ممّا أفسدوا.