«بعض البغدادية والطوسي» وهو مصنف البلغة أبو العباس محمد بن محمد ابن أحمد : «بل بعض العمد ليس بكبيرة».
قالوا : إذ لا مانع من أن يكون في العمد المعلوم قبحه ما هو صغير إذ لم يفرق الدليل المجوّز للصغائر بين العمد وغيره ، وقد ثبت أن في الأنبياء من فعل ما هو ذنب صغير فإمّا أن يقع ذلك منه سهوا فليس بمعصية ولا ذنب ، أو عمدا فهو الذي نقول.
قالوا : فإن قيل : وقع منه لترك الاستدلال؟
قلنا : فترك الاستدلال كان عمدا أو سهوا :
إن كان سهوا فلا ذنب ، وإن كان عمدا فهو الذي نقول والكلام فيه كذلك فتسلسل وهو محال.
قلنا : خطايا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ليست بعمد ولا مانع من أن تسمّى معصية وذنبا وقد سمّاها الله معصية وخطيئة كما سيأتي إن شاء الله.
قال النجري : اتفقت المعتزلة على أن ذنوب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومن كان على صفتهم في العصمة : كلها صغائر ، وذنوب الفساق كلها كبائر ، ومن عداهم من المكلفين فإنه يجوز في معاصيهم أن تكون صغائر وأن تكون كبائر إذ كون الذنب صغيرا أو كبيرا بحسب قلة الثواب والعقاب وكثرتهما.
قالوا : ونحن لا نعلم مقاديرهما.
قلت : وهو بناء على الموازنة وسنبطلها إن شاء الله تعالى.
«لنا» حجة على قولنا : أنّ كل عمد كبيرة : «قوله تعالى» (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) (١) «ولم يفصل تعالى» بين عصيان وعصيان في التّوعّد عليه بنار جهنم والخلود فيها.
__________________
(١) الجن (٢٣).