«وقوله تعالى» : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ) (١) «ولم يفصل» أيضا بين عصيان وعصيان فاقتضى ذلك العموم في الآيتين أن كل عصيان لله تعالى يقتضي الخلود في النار.
وخصّصنا الخطأ والنّسيان وما وقع اضطرار إليه بما سيأتي إن شاء الله تعالى من الأدلة على سقوط عقابها.
«و» أيضا : «لم يغفر الله سبحانه سيّئة من غير توبة إلّا الخطأ والنسيان والمضطر إليه» لقوله تعالى : (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) (٢).
وقوله تعالى معلّما لعباده ومرشدا (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) (٣) ، «واستثنى تعالى المضطر» حين عدّ المحرمات بقوله تعالى (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٤).
«و» من السّنّة : «قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم» «رفع عن أمّتي الخطأ والنسيان ... الخبر».
تمامه : «وما استكرهوا عليه».
وأما ما يحكى عن النظام : من أن الخطأ والنسيان غير معفوّين عن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لعظم درجاتهم وكونهم مأمورين بالحفظ والتّحرّز من السهو بخلاف غيرهم : فقول باطل لمصادمته النص ولأنه يؤدّي إلى تكليف ما لا يطاق والله يتعالى عنه.
«فعلمنا بذلك أنّ الكبير : ما وقع عمدا من غير اضطرار».
فإن قالوا : بل قد ثبت أن الله يغفر بعض الذنوب المتعمدة بغير توبة وذلك فى جنب الحسنات لقوله تعالى : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) (٥)
__________________
(١) النساء (١٤).
(٢) الأحزاب (٥).
(٣) البقرة (٢٨٦).
(٤) المائدة (٣).
(٥) هود (١١٤).