وقوله تعالى : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) (١) ونحو ذلك.
والجواب والله الموفق : أن هذا احتجاج بمحل النزاع.
قال المرتضى عليهالسلام في هذه الآية : والمعنى في ذلك عندنا فهو : إن تجتنبوا العمد من أفعالكم نكفر عنكم الخطأ من أعمالكم ، فإن قال قائل : هل الخطأ سيّئة؟ (٢).
قلنا له : نعم لو لا أنه سيئة ما ذكره الله سبحانه ولا أوجب فيه ما أوجب من حكمه ، وهل رأيتم مخطئا في فعله لم يوجب الله عليه في فعله شيئا ... إلى آخر كلامه عليهالسلام.
فإن قالوا : لو كان المراد بالسيّئات في الآيتين الخطأ والنسيان
____________________________________
(٢) قال في حاشية في شرح الأساس للسيد العلامة أحمد بن محمد لقمان رحمهالله ما لفظه أقول لا دلالة في الآية على أنّ الاجتناب سبب بل تدل على أنه شرط في الغفران للمخاطبين وإدخالهم الجنة ولعلهم قد عصوا عمدا فيما مضى من أزمانهم بل الظاهر أنّ جميع المؤمنين بالرسول في زمن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كانوا كفّارا إلّا علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه في الجنة والأحداث ثم أسلموا فإن قلت من بعدهم في حكمهم قلت معنى الآية نكفر عنكم سيئاتكم من الذنوب إن كان عليكم سيئات بدليل أنها تصلح خطابا لكل مكلّف والمعلوم أن من المكلفين من هو معصوم لا سيئة عليه ولا يجوز أن تكون المكفّرة عين المجتنبة لأنه لا يمكن تكفيرها ولم تقع ولا اجتناب ما قد وقع فثبت أنّ المكفّر غير المجتنب ولا يجوز أن يكون المكفر الخطاء ونحوه لأنه يغفر من دون اجتناب الكبائر ولا العمد الذي لم يتب عنه لأنه لا يغفر مع عدم التوبة وهو كبيرة وهذا محل النزاع فثبت أن يكون المكفّر ما تبت منه لا يقال التوبة مكفّرة بنفسها ولا تأثير للاجتناب معها لأنّا نقول بل هو شرط في تكفيرها للذنوب فمن تاب ثم لم يجتنب الكبائر رجعت عليه الذنوب التي تاب منها وإن تاب واجتنب كفرت عنه فثبت أنّ الاجتناب شرط لا سبب ويؤيّد هذا أنّ الخطاب للمؤمنين وكل من ليس بتائب ليس بمؤمن فليس مخاطبا بالآية فليس له حكمها فتأمل تمت.
__________________
(١) النساء (٣١).