«ودينا» أي في دين الإسلام بنقل الشارع له إليه : «الإتيان بالواجبات واجتناب المقبّحات» فهو اسم مدح يستحقّ به الثواب فيشمل الملائكة والأنبياء ومن له ثواب من الجن والإنس ، وليس مشتقا من التصديق بمعنى أنه لا يلزم إذا حصل تصديقا ما أن يسمّى صاحبه مؤمنا ، بل من فعل الواجبات واجتنب المقبّحات فهو مؤمن عند هؤلاء المذكورين كلهم ثم اختلفوا فيمن أخلّ بشيء من الواجبات أو فعل شيئا من المحرمات : فعند أئمتنا عليهمالسلام وجمهور المعتزلة والشافعي : لا يكفر بذلك إلّا أن تكون المعصية ممّا دلّ الدليل القطعي على كفر صاحبها كما سيأتي إن شاء الله تعالى فالمؤمن عندهم : هو من اعتقد بقلبه وأقرّ بلسانه وعمل بجارحته ، فإن أخلّ بالأول فقط كان منافقا ، وإن أخلّ بالثاني كان كافرا ، وإن أخلّ بالثالث كان فاسقا.
والإيمان عندهم يزيد وينقص.
وقالت الفضلية والبكرية من فرق الخوارج : بل من أخلّ بشيء من الواجبات أو فعل شيئا من المحرمات كفر.
وقالت الأزارقة والصفرية : بل ما ورد فيه الوعيد من المعاصي فكفر دون ما عداه ، وهو بناء على أن بعض المعاصي لا وعيد فيها ، وسيأتي الردّ عليهم إن شاء الله تعالى.
الرابع : قول «الأشعرية : بل» الإيمان «التصديق بالله تعالى فقط» أي من دون سائر الأعمال فهو باق على معناه اللغوي لم ينقل.
الخامس : قول «الكرامية» من المجبرة «بل» هو «الإقرار باللسان فقط» وإن لم يعمل عملا ، وظاهر قولهم أنه لا يشترط مطابقة اللسان للجنان فيلزمهم أن يكون المنافق مؤمنا ولا قائل به ، وأن يكون الأخرس غير مؤمن وهو معلوم البطلان.
السادس : قول «الجهمية» من الجبريّة «و» بشر «المريسي» من المعتزلة : «بل» هو «المعرفة فقط» من دون اعتبار تصديق ولا عمل. هكذا ذكره النجري.