ذلك كفر ، فأمّا ما ليس في العقل تحريمه من الأمور الشرعية فليس من الإيمان ، وهذا القول باطل من وجهين :
أحدهما : إخراج الشرعيات عن الإيمان.
وثانيهما : قولهم : ومن خالف شيئا من ذلك كفر إذ من المعاصي ما لا كفر فيه كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
«لنا» حجة على قولنا : «قوله تعالى» : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ، وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ، الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) (١).
فأخبر الله سبحانه أنه لا بدّ في حقيقة الإيمان من العمل وأنه لا يسمّى مؤمنا من لم يضم العمل [الصالح] إلى التصديق والمعرفة بالجنان والإقرار باللسان بقوله (إنما) وهي موضوعة للحصر ، أي لا يسمّى مؤمنا من لم يصلّ ولم ينفق ممّا رزقه الله تعالى.
«ونحوها» كقوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) (٢).
وقوله عزوجل : (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ) (٣).
والمراد الشرائع لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم مصدّق بالله تعالى عارف به من قبل بعثته صلىاللهعليهوآلهوسلم.
«و» لنا أيضا من السنّة : «قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الإيمان بضع وسبعون شعبة ، والحياء شعبة من الإيمان ، وأفضلها قول : لا إله إلّا الله وأدناها إماطة الأذى عن (٤) الطريق».
وهذا نص صريح في أن الأعمال داخلة في مفهوم الإيمان وأنّ له شعبا أي أعمالا كثيرة بعضها أفضل من بعض.
__________________
(١) الأنفال (٢ ـ ٤).
(٢) البقرة (١٤٣).
(٣) الشورى (٥٢).
(٤) (ض) من الطريق.