قال : وكذلك لو أخبر به على القطع وعيّن وقت وقوعه لم يجوّز وقوعه مطابقا لدعواه لما فيه من حطّ مرتبة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأما غيره ممّن جوّزه على الإطلاق فقالوا : ليس ذلك حطّا من مرتبة الأنبياء ، فتعظيمهم بالمعجزات تعظيم للأنبياء ، كما أن إكرام خادم الإنسان إكرام لذلك الإنسان.
وقالت «الأشعرية : بل يجوز للكفار ومن يدّعي الربوبية» كفرعون والنمرود لأنه لا يقبح عندهم منه جلّ وعلا قبيح «لا» من يدعي «النبوّة كاذبا» كمسيلمة.
قالوا : لأنه يكون تصديقا للكاذب في دعوى النبوءة وفيه هدم الشرائع وهذا منهم مناقضة ظاهرة إذ قد حكموا بأنه لا يقبح من الله قبيح ، وأنه يجوز إثابة الكفار وتعذيب الأنبياء.
«قلنا :» ردّا على الجميع «جميع ذلك» الذي ذكر من ظهور المعجز على غير الأنبياء «تلبيس وتشكيك بتصديق الأنبياء صلوات الله عليهم ، لأن الكفار يقولون» للنبي «لا نصدقك لأنه قد أتى بمثل هذا المعجز من ادّعى الربوبية وهو كاذب» فيمكن أن تكون دعواك مثله «و» قد أتى بمثله أيضا «من ادّعى الإمامة» وليس بنبي فما يؤمننا أن تكون غير نبيء «أو» من ادّعى «الصلاح» وليس بنبي ولا إمام فما يؤمننا أن تكون مثله.
«أو» من ادّعى «كونه محقا في حجته» التي يحتج بها وقوله الذي يدعيه فما يؤمننا أن تكون كذلك.
«فلعل المعجزة» التي ظهرت «كانت لبعضها» أي لبعض الأمور التي تقدم ذكرها «لكنك تجاريت» على الله تعالى «بالكذب» فيما ادّعيت «طمعا في نيل الدرجة العلياء وهي النبوءة».
وإذا جوزنا هذا من قولهم لم تقم حجة لنبي على قومه في تكذيبهم إيّاه ، والتبس المحق بالمبطل.
«والله تعالى عدل حكيم لا يفعل ذلك» لأنه ضد الحكمة.
«وأيضا» فإن المعجز «لا يكون معجزا إلّا إذا كان معرّفا بالنبوّة ولم