من ختم عمله بالمعصية لله سبحانه وتعالى ومات عليها حكم له بالعذاب كما حكم له عند التوبة بالثواب ، فهذا عين العدل والإنصاف.
ولو جاز أن يدخل الجنة من مات على معصية واحدة لجاز أن يدخلها من مات على معصية ومعصيتين ولو جاز ذلك لجاز أن يدخلها من عصى عشرا وعشرين مرّة ، وإذا جاز ذلك فقد بطل الوعد والوعيد ووقع الاختلاف والفساد انتهى.
وأما شبههم السمعية : فمنها : ما ذكره الإمام عليهالسلام بقوله : «قالوا : قال تعالى» : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (١).
«وقال تعالى» : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) (٢).
«وقال تعالى» : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ)(٣).
«ونحوها» من الآيات الدّالة على غفران الذنوب.
قالوا : ففي هذه الآي إشعار بغفران الذنوب على الإطلاق.
وأيضا : قال أبو بكر الأصم من العدلية أستاذ ابن عليّة لما خرج من عموم آيات الوعيد التّائب ونحوه.
وهو الذي ثواب طاعته أكثر علمنا أنها ليست على عمومها فهي حينئذ مجملة مع حصول التخصيص لعمومها ، والمجمل لا يستدل به على شيء ، وهو مبني على أن العموم إذا خصّص صار مجملا لا يستدل به على شيء.
«قلنا : آيات الوعيد لا إجمال فيها» وإن خرج من عمومها التائب ونحوه.
وقول من قال : إن العموم إذا خصّص صار مجملا باطل للأدلة المذكورة في موضعها.
__________________
(١) الزمر (٥٣).
(٢) الرعد (٦).
(٣) النساء (١١٦).