وذهب الشيخ أبو الهذيل : إلى أنها إنما تكون لأهل الصغائر من المؤمنين ليرد الله (١) ما انحبط من ثوابهم.
وذهب بعض المعتزلة أيضا إلى أنها تكون لمن استوت حسناته وسيّئاته فيدخل الجنة بالشفاعة.
وقد مرّ إبطال استوى الحسنات والسيّئات في فصل الإحباط.
وذهبت المجبرة إلى أنّ الشفاعة لا تكون إلّا لأهل الكبائر ليعفى عنهم ويدخلون الجنة تفضّلا.
قالوا : لأنّ موضوعها دفع المضرة فقط.
قالوا : وإلّا لزم أن يكون دعاؤنا للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والملائكة شفاعة لهم ، والإجماع منعقد على أنّا غير شافعين لهم.
قلنا : الشفاعة في اللغة : ما أراد بها فاعلها الحثّ على المطلوب والداعي للرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم لم يقصد الحثّ على إكرامه صلىاللهعليهوآلهوسلم لأنه يعلم أن الله تعالى مكرم له سواء طلب ذلك أم لم يطلبه ، وإنما قصد تحصيل إكرام نفسه بفعله ما أمر به من الدعاء للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وطالب إكرام نفسه بامتثال الأمر ليس بشافع. كذا ذكره الإمام المهدي عليهالسلام في الغايات.
قال : واعترض الرازي هذا الجواب بأن قال : لم تجمع الأمّة على أن الله تعالى لا يريد إكرام رسوله لأجل دعائنا ، وإذا لم يدل دليل على منع ذلك جاز فيلزم كوننا شافعين له صلىاللهعليهوآلهوسلم والأمّة مجمعة على منع ذلك.
قلنا : إذا صحّ الإجماع على أنّا غير شافعين له صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعلمنا من اللغة أن الشفاعة تكون لجلب النفع كدفع الضرر كان ذلك دليلا قاطعا على أن الله سبحانه لا يريد إكرامه لأجل سؤالنا فبطل ما ادّعاه.
__________________
(١) (ض) ليرد الله بها.