قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) (١) وهذا ممّا لا خلاف فيه.
«و» لنا حجة على أنه لا جسر فوق جهنم يمرّون عليه : «قوله تعالى» في صفة دخول العصاة النار : (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) (٢) والدّع الدفع العنيف فيدفعهم خزنة النار إلى النار دفعا عنيفا على وجوههم وزجا في أقفيتهم من غير جسر يتهافتون من فوقه.
«وقوله تعالى» : (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً) إلى قوله تعالى (قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها) (٣).
فهاتان الآيتان «نص» صريح «في أنهم لم يمشوا على جسر فوقها» أي فوق جهنم.
«وأيضا : ما قالوا» أي ما قاله المخالف : «يستلزم تكليف المؤمنين في الآخرة» بالمرور عليه مع خطره وهوله ، «والإجماع» منعقد من الأمّة «على أن لا تكليف فيها» لأنها دار جزاء لا دار تكليف.
«قيل : ويلزمنا التكليف بالوقوف في المحشر» فهو «كالوقوف بعرفة» والوقوف بعرفة تكليف بلا شك «والمرور إلى الجنة» أي ويلزمنا التكليف بالمرور إلى الجنة لأنه «كالمرور إلى الحج» فما الفرق بين المرورين.
«قلنا : لا سواء» بين المرورين ولا بين الوقوفين «لأن الوقوف في المحشر لا مشقة فيه على المؤمنين» وإن كان فيه مشقة على العاصين فليس تكليفا أيضا «لأنه تعجيل جزاء» للمكلفين أي من مقدمات ثواب المطيعين وعقاب العاصين.
«وكذلك مرورهم إلى الجنة» من مقدمات الجزاء ولا مشقة فيه «لسرورهم به وسوقهم إليها بخلاف المرور على جسر جهنم فهو مشقة لا أعظم منها لأنكم تزعمون أن الأنبياء والمرسلين يقولون ـ : سلّم سلّم» دعاء
__________________
(١) الأنعام (١٦١).
(٢) الطور (١٣).
(٣) الزمر (٧١ ـ ٧٢).