لهم بالسلامة «خوفا من أن يقعوا فيها» أي في النار «وذلك أعظم تكليف» لا شك فيه.
ثم نقول إن هذا الذي زعمتم من إثبات الجسر والمرور عليه يناقض ما تقدم ذكره واتفق الإجماع منّا ومنكم عليه من تبشير المؤمن في قبره بالجنة والعاصي بالنار.
وبعد ذلك الميزان سواء كان على الحقيقة كما زعمتموه أو كان المراد به العدل والإنصاف لأنه يعرف به سعادة السعيد وشقاوة الشقي ، ويعلم كل مكلف مستقره من جنة أو نار.
«قالوا» : قال تعالى : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) (١).
«أي النار وليس ورودها إلّا المرور على الجسر» الذي فوقها.
«قلنا : بل ورودها حضورها» أي القرب منها «فقط لأنّ الورود في اللغة بمعنى الحضور» كقوله تعالى : (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ) (٢).
«أي حضر» ماء مدين ، وحضورها هو «من غير خوف ولا حزن على المؤمنين لقوله تعالى» : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (٣).
«وقوله تعالى» : (وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ) (٤) (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ) (٥) وهذا إنّما يكون قبل دخولهم الجنة.
وقال الحسين بن القاسم عليهالسلام في تفسيرها : يقول عزوجل : إنا إذا نزعنا من كل شيعة أشدّهم عتيّا لم نذر منكم يا من بقي من الأوباش والسفل أحدا إلّا وردها فلا تحسبوا أنا إذا عذّبنا المتكبرين تركنا الهمج من
__________________
(١) مريم (٧١).
(٢) القصص (٢٣).
(٣) فصّلت (٣٠).
(٤) النمل (٨٩).
(٥) الأنبياء (١٠٣).