تعالى الذي قد علموا وجوبه جملة بفطرة عقولهم «بما شاء» أي ليعلمهم أن يشكروا الله تعالى بما شاء «من الشرائع» التي تأتي (١) بها الرسل صلوات الله عليهم شكرا «على ما منّ» تعالى «به» عليهم «من النعم» السوابغ التي لا تحصى.
فالنعم من الله سبحانه تفضل محض والشكر عليها : واجب بقضيّة (٢) العقل وتفصيل الشكر كيف هو وما هو لا يعلم إلّا بالشرع لأن الله سبحانه لا يدرك مشافهة فيخبرهم ببيان شكره من غير واسطة رسول.
فمن هاهنا علم كلّ مكلّف أنه لا بدّ من رسول لله سبحانه إلى خلقه تكميلا للتّفضل عليهم بالنعم التي لا تحصى كما كمّل التكليف بالتمكين.
«و» لأجل «يميز» سبحانه «بذلك» أي بإرسال الرسل «من يشكره» بامتثال أوامره والانتهاء عن مناهيه «ممّن لا يشكره» بعصيانه وارتكاب مناهيه «إذ قد ثبت أنه تعالى ليس بجسم فامتنع» «أن يلقي جلّ وعلى مشافهة» فيبيّن لخلقه كيفيّة شكره بالنطق إليهم من غير واسطة تعالى عن ذلك «والحكيم لا يترك ما شأنه كذلك هملا» أي ما كان شأنه يحتاج (٣) إلى تبيين الشكر وإلى تمييز الشاكر من الجاحد والخبيث من الطيب لأنه يخالف الحكمة والعدل.
وقد ثبت أن الله تعالى عدل حكيم.
وهذا معنى كلام الهادي عليهالسلام في البالغ المدرك.
قلت : وقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى) (٤) يدل على أن بعثة الرسل أمر متقرر في العقول ، «قلت وبالله التوفيق : وكذا» أي مثل قول الهادي عليهالسلام «يأتي» القول «على أصل قدماء العترة عليهمالسلام»
__________________
(١) (ض) يأتي.
(٢) (ض) يقتضيه.
(٣) (ض) محتاجا.
(٤) طه (١٣٤).