لأنهم يقولون : إنّ الطاعات شكر لله تعالى على نعمه ، ولأنهم قد صرّحوا أيضا بذلك في كتبهم.
قال الناصر عليهالسلام فيما حكاه عنه مصنّف الباهر : نعرف الله بآياته ونصفه بما وصف به نفسه ، ونشكره بما علمناه وكلفنا أن نشكره (١).
وحكى أبو مضر عن أهل البيت عليهمالسلام أنهم يقولون : إن الشرعيات من العبادات ونحوها وجبت عقلا كالعقليات سواء والسمع إنما كان شرطا للأداء لا للوجوب. ذكره في شمس الشريعة قلت : وهو معنى كونها وجبت شكرا.
وقال «أهل اللطف» الذين سبق ذكرهم «بل» علم المكلف عقلا أنه لا بدّ من رسول «لأنه» قد ثبت أنه «يجب على الله الأصلح» في أمور الدين والدنيا ولا شك أن إرسال الرسل أصلح للمكلفين في الدين والدنيا فمن هاهنا (٢) وجب على المكلف أن يعلم أنه لا بدّ من رسول لله تعالى.
«قلنا» ردّا عليهم : «لا واجب على الله تعالى» عن ذلك لعباده «كما مرّ» ذكره في الألطاف.
قال الإمام «المهدي عليهالسلام» وغيره من المتأخرين «وبعض صفوة الشيعة وكثير من المعتزلة» كأبي علي وأبي هاشم وأكثر المعتزلة : «لا يجب» على المكلف أن يعلم ذلك عقلا بل لا يهتدي العقل إلى وجوبها «لأنّ الشرائع ألطاف في» الواجبات «العقليات» ولا يهتدي العقل إلى كونها ألطافا إلّا بعد إيجابها لجواز أن يكون اللطف في غيرها وغير البعثة فيجوز (٣) أن يكون في البعثة مصلحة للمكلفين لو لا هي لما عرفت تلك المصلحة فتكون حسنة واجبة عليه تعالى ويجوز أن لا يكون فيها مصلحة زائدة على ما عرف بالعقل فتكون قبيحة لا تجوز منه تعالى.
وأما بعد وقوع البعثة فإن المكلف يعلم قطعا أنها حسنة لكونها لطفا للمبعوث والمبعوث إليهم.
__________________
(١) (ض) أن نشكره به.
(٢) (أ) هنا.
(٣) (ش) لأنّه يجوّز.