وروي عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال «سبق العلم ، وجفّ القلم ، وتمّ القضاء بتحقيق الكتاب ، وتصديق الرّسل ، والسّعادة من الله لمن آمن به ، والشقاء لمن كذّب وكفر. وبالولاية من الله للمؤمنين ، والبراءة منه للمشركين ، وبالتوبة لهم إن تابوا وآمنوا كما أمرهم الله» (١) إلى غير ذلك من السنة. والمعلوم ضرورة ، من دين نبينا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم أن الله تعالى عدل حكيم لا يفعل القبيح ، ولا يخلّ بالواجب وأنّ أفعاله كلّها حسنة.
وأما الإجماع : بين المسلمين فذلك ظاهر لا يدفعه إلا مكابر.
فصل : ونعتقد أنّا فاعلون لتصرفاتنا
والكلام في ذلك يقع في خمسة مواضع : أحدها : في حقائق هذه الأمور التي تضمّنها الكلام بيننا وبين المخالفين ، وهي الفعل والفاعل والكسب والمباشر والمتولّد. والثاني : في حكاية المذهب وذكر الخلاف. والثالث : في الدلالة على صحة ما ذهبنا إليه وفساد ما ذهب إليه المخالفون. والرابع : فيما يلائم ذلك ويدل عليه من جهة السمع. والخامس : فيما يستدل به المخالفون من الآيات المتشابهة ، وبيان معانيها التي تجوز فيها.
أما الموضع الأول : وهو في حقائق الأمور التي ذكرناها. فالفعل : هو ما وجد من جهة من كان قادرا عليه. وقولنا : كان ؛ لئلا يبطل بالمسبّب الذي يوجد بعد خروج فاعله عن كونه قادرا. والفاعل : هو الذي وجد من جهته بعض ما كان قادرا عليه. وقلنا : «بعض» ؛ لأنّ الفاعل يكون فاعلا وإن لم توجد منه جميع مقدوراته. وقلنا : كان ، احترازا عما تقدم في الفعل.
وأما الكسب : فالمعقول منه عند أهل اللغة هو إحداث الفعل لطلب نفع
__________________
(١) أخرجه أحمد بن عيسى في الأمالي ٣ / ٣٣٠.