يعلم ؛ ولهذا فإنّ الواحد منا متى علم وقوع الفعل على بعض هذه الوجوه علم كونه قبيحا ، وإن فقد كلّ أمر يشار إليه مما سوى ذلك ، بدليل أنّ الحكم يثبت بثبوت ذلك ، وينتفي بانتفائه ، وليس هناك ما تعليق الحكم به أولى ، فثبت ما ذكرناه من أنّ الأفعال تقبح لوجوه تقع عليها. وإنما قلنا : بأن أيّ فاعل وجدت منه على أحد (١) تلك الوجوه وجب كونها قبيحة ؛ لأنّ وجه القبح مع القبح جار مجرى العلة مع المعلول ؛ فكما لا يجوز ثبوت العلّة بدون معلولها ، كذلك لا يجوز ثبوت القبح مع انتفاء القبح.
وأما الفصل الرابع :
وهو أنه تعالى قادر على فعل القبيح
فالذي يدلّ على ذلك أنه قادر على جميع أجناس المقدورات على ما تقدم. والقبائح من جملة المقدورات ؛ ولهذا فإنه يصح منا إيجادها. فلو لم تكن من جملة المقدورات لما صحّ منا إيجادها.
وأما الفصل الخامس :
وهو أنه تعالى لا يفعل القبيح ولا يخلّ بالواجب ، وأفعاله كلّها حسنة
فنحن نتكلم في كل واحد منها ليصحّ قولنا : إنّه تعالى عدل حكيم. أمّا أنّه تعالى لا يفعل القبيح فلأنه تعالى عالم بقبح القبيح ، وغنيّ عن فعله ، وعالم باستغنائه عنه ، وكلّ من كان كذلك فإنه لا يفعله. وإنما قلنا : بأنه تعالى عالم بقبح القبيح ، فلما بيّنا بأنّه (٢) تعالى عالم بجميع المعلومات. والقبائح من جملة المعلومات ؛ فيجب أن يعلمها.
__________________
(١) في (ب) : حد.
(٢) في (ب) : أنّه.