مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) [الأنبياء : ٤٧] ، وقال : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) [النحل : ١٢٤] ، وقال : (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً) [النبأ : ١٧] ، وقال : (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها) ، معناه بعدله (١) ، (وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) [الزمر : ٦٩] ، ونظائر ذلك كثير ، وقد قدمنا تفصيل ذلك.
الفصل الثاني عشر : الصراط (٢)
قال تعالى (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا* ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا) [مريم : ٧٢]. عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إن الصراط بين ظهري جهنم ، دحض مزلّة. والأنبياء يقولون : سلّم سلّم ، كلمع البرق ، وكطرف العين ، وكأجاويد الخيل ، والبغال ، والرّاكب ، والشّدّ على
__________________
(١) السفينة ٢ / ٣٣١.
(٢) المراد بالصراط دين الله القويم ، وإن كان مجازا ، قال تعالى : (قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) ، وحجة على أنه لا جسر فوق جهنهم يمرون عليه قوله تعالى في صفة دخول العصاة النار (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) ، والدّعّ : الدفع العنيف ، فيدفعهم خزنة النار إلى النار دفعا عنيفا على وجوههم ، وزجا في أقفيتهم من غير جسر يتهافتون من فوقه ، وقوله تعالى : (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً) .. إلى قوله : (قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها) ، فهاتان الآيتان نص صريح في أنهم لم يمسكوا على جسر فوقها. كما أن الإجماع منعقد من الأمة أنه لا تكليف في الآخرة ، والقول بالمرور على الصراط تكليف للمؤمنين ، كما أن ورود جهنم ليس المرور على الجسر ، بل ورودها يعني حضورها ؛ لأن الورود بمعنى الحضور. ينظر في ذلك كتاب عدة الأكياس ٢ / ٣٥٣.