وبعد : فإن صحة السمع موقوفة على أنه عالم بقبح القبيح ، وغنيّ عن فعله ، وعالم باستغنائه عنه ، لئلا يفعل (١) الكذب والتلبيس والتغرير ، وذلك فرع على أنه عالم بجميع المعلومات ، ولا (٢) يصح ذلك إلا متى كان عالما لذاته ، دون ما قالوه : من أنه عالم بعلم. فصحة العلم إذن مبنية على هذه المسألة (٣) ، وبطلان مذهبهم فيها ، واستدلالهم بالسمع على ذلك هو استدلال على الأمر بما لا يصح إلا بعد بطلانه.
المسألة السابعة
ونعتقد أنه تعالى لا يشبه الأشياء
والذي يدل على ذلك أنه لو أشبهها لوجب أن يكون جسما أو جوهرا أو عرضا ، وذلك لا يجوز.
وإنما قلنا : بأنه كان يجب أن يكون جسما أو جوهرا أو عرضا ؛ لأنّ القسمة في ذلك صحيحة ؛ لترددها بين النفي والإثبات.
وبيان ذلك أن الشيء لا يخلو أن يثبت له صفة الوجود أم لا. إن لم تثبت له صفة الوجود ؛ فهو المعدوم : وهو المعلوم الذي ليس بموجود ، هذا عند القائلين (٤) بأن المعدوم شيء وذات يعلم بانفراده.
__________________
(١) في (ج) لأنه لا يفعل.
(٢) في (ب) فلا.
(٣) في هامش (ب) : على صحة هذه المسألة.
(٤) هو رأي الجمهور من المتكلمين كما ذكر ذلك حميد في الوسيط [خ ٢٢] ، وخالف في ذلك الأشعرية وبعض المعتزلة. ينظر البحر الزخار ١ / ٩٩ ، والمعالم الدينية للإمام يحيى ابن حمزة ٦٥.