المسألة العاشرة :
ونعتقد أنّه تعالى واحد
والكلام فيه يقع في أربعة مواضع : أحدها في معنى الواحد. والثاني في حكاية المذهب وذكر الخلاف. والثالث في الدلالة على فساد ما ذهب إليه المخالفون. والرابع فيما يؤكد أدلة العقل من أدلة (١) السمع على صحّة ما ذهبنا إليه وفساد ما ذهب إليه المخالفون.
أما الموضع الأول وهو في معنى الواحد : فالواحد يستعمل في معنيين : أحدهما ما لا يتجزّأ ولا يتبعّض ، وهذا لا يكون مدحا بانفراده في حقه تعالى ؛ لأن الجوهر الفرد (٢) لا يتجزأ ولا يتبعض ، وكذلك العرض القائم به ، وإنما يكون مدحا بانضمامه إلى كونه حيّا ؛ لأن كلّ حيّ سواه ذو أجزاء وأبعاض ، وهو تعالى حيّ (٣) لا يتجزّأ ولا يتبعّض. الثاني (٤) : هو المتفرّد بصفات الكمال إثباتا ونفيا ، فلا يشاركه فيها أحد على الحدّ الذي استحقّها عليه ، وهذا هو مراد المتكلمين ؛ لأنهم يوردون ذلك مورد المدح. ويريدون به التفرّد بصفات الكمال والتعالي عن الأشكال والأمثال ، ونريد بقولنا على الحدّ الذي استحقها عليه ؛ لأنها ثابتة له على سبيل الوجوب. والواحد منا وإن شاركه في بعض صفاته جنسا أو قبيلا أو نوعا فليست بثابتة للواحد منا على سبيل الوجوب بل على سبيل الجواز.
__________________
(١) في (ب) : من السمع
(٢) أصغر جسم وهو الذي لا يقبل الانقسام ويسمى بالذرة التي لا تتجزأ.
(٣) في (ب) : بحذف حي.
(٤) في (ب) ، و (ج) : والثاني.