قال الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ) [الفيل ١] ، وقال : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ) [الفجر : ٦] ، أي ألم تعلم ، وقال الشاعر (١) :
رأيت الله إذ سمّى نزارا |
|
وأسكنهم بمكة قاطنينا |
أي علمت الله ، بل حمله على المعرفة بالله أولى لمطابقته لأدلة العقول ومحكم الكتاب والسنّة المعلومة ، ولأنه قال : لا تضامّون في رؤيته ، يريد بذلك زوال الشكّ ، فكأنه قال : لا تشكّون في معرفته ، ويكون فائدة التخصيص بيوم القيامة ؛ لأنّ الخلق كلّهم يعرفونه حلّ وعزّ ذلك اليوم ، وإنما مثّل ذلك برؤية القمر ليلة البدر ؛ لأنّ العلم به يحصل يوم القيامة لكافة المؤمنين والفاسقين والكافرين جميعا ، كما يحصل العلم بالقمر ليلة البدر لكل من شاهد (٢) ، فيكون العلم به يوم القيامة ضروريّا ، فلا يحتاجون فيه إلى نظر واستدلال. فهو في الجلاء والظهور بمنزلة علمهم بالقمر ليلة البدر. فبطل قولهم في هذه المسألة من كل وجه ، وصح أنه تعالى لا يرى في الدنيا ولا في الآخرة.
__________________
(١) الكميت بن زيد الأسدي. ينظر شرح الهاشميات ص ٢٦٣. بتحقيق الأستاذ أحمد الجاسر بلفظ :
وجدت الله إذ سمى نزارا |
|
وأنزلهم بمكة قاطنينا |
(٢) في (ب) : يشاهد.