ولوجه آخر يخصهم دون أبي الهذيل ومن طابقه من المعتزلة ، وهو (١) أن ذبحه لها على قولهم بقضاء من الله تعالى وقدر ، وهما موجبان ؛ فسقط عنه الضمان والإثم والذم ؛ لأن ذلك فعل الله عندهم. وفي علمنا بكون الفاعل لذلك عاصيا وظالما ومستحقّا للذّم ، ومأخوذا بالدية في الانسان الحر ، أو القصاص. وبالقيمة في الأموال ـ دلالة على بطلان مقالتهم جميعا ؛ فسقط قول كلّ واحد من الفريقين بحمد الله ومنّه ، ولم يبق إلا التوقف ، والقضاء بما دل عليه الدليل ، وهو أن المقتول يقتل بأجله ، على معنى أنه يقتل في الوقت الذي علم الله تعالى أنه يقتل فيه ، ولا نقطع (٢) على أنه لو لم يقتل لبقي حيّا لا محالة ، ولا على أنه لو لم يقتل لمات في ذلك الوقت لا محالة ؛ بل نقول : بأن حياته وموته ممكنان من جهة العقل ، وليس في الشرع ما يدل على القطع على أحد الأمرين ؛ فلذلك وجب التوقف في هذه المسألة.
مسألة : في الأرزاق وفيها خمسة فصول :
أحدها في معنى الرزق وهو ما مكّن (٣) من الانتفاع به ، ولم يكن لأحد منعه من الانتفاع به ولا نهيه عن الانتفاع به ، على بعض الوجوه. وثانيها في تعيين فاعلها وهو الله تعالى لأنها من قبيل الأجسام. وقد بينا فيما تقدم أنه تعالى فاعل الأجسام ولا فاعل لها غيره. وثالثها في حسن اكتسابها ونحن نعتقد أن اكتساب الرزق حسن غير قبيح. والخلاف في ذلك مع الصوفية الضالّة الغوية (٤) ؛ فإنهم ذهبوا أنه لا يحسن اكتسابها. والذي يدل على صحة
__________________
(١) في (ب) : وهو على أنّ.
(٢) في (ب) ، (ج) : ولا يقطع.
(٣) في (ب) : ما أمكن.
(٤) يراد بهم بعض الفرق الصوفية التي لا تلتزم الكتاب والسنة وآداب الزهد.