بإجماع ؛ ولأنّ من حمل من ثقل غيره فقد خفّف عنه من ذلك. والإجماع منعقد على أنّه لا يخفّف عن المحمول عنهم من أوزارهم ؛ لأنّهم يقولون : إنّ هؤلاء يحملون من أوزارهم من غير أن يخفّف عنهم ، وهذا خلاف الظاهر ، وإذا كان كذلك سقط تعلّقهم بالآية.
وأما معنى الآية فقوله تعالى : (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ) يعني فيما اكتسبوه (١) من الكفر والعصيان ، وقوله : (وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ). الأولى وهي على ما أضافوه إليها ثانيا من استغوائهم للمؤمنين ، ودعائهم إياهم إلى الكفر ، وضمانهم عنهم حمل أوزارهم وعلى هذا التفسير لا يتناقض أول الآية وآخرها. وهو أيضا موافق لدلالة العقل والقرآن والإجماع ؛ فبطل قولهم من كل وجه ، وصحّ مذهبنا بحمد الله تعالى. وعلى هذا النسق يجرى الكلام فيما يتعلقون به.
مسألة في الاستطاعة : والكلام منها (٢) يقع في موضعين :
أحدهما في حكاية المذهب وذكر الخلاف. والثاني في الدليل على صحة ما ذهبنا إليه وفساد ما ذهب إليه المخالفون.
أما الموضع الأول ـ وهو في حكاية المذهب وذكر الخلاف :
فاعلم أنّا نعتقد أن الله تعالى كلّف عباده ما يطيقون ، وأنه تعالى قد أقدرهم على ما كلّفهم ، وأنّ قدر العباد متقدّمة على مقدوراتهم ، وغير موجبة لها ، بل هي تمكين لهم : فإن شاءوا فعلوها ، وإن شاءوا تركوها ، وليسوا بمضطرّين إلى فعلها ، بل هم مختارون في الفعل والترك. وهذا قول جميع العدلية. وذهبت المجبرة القدرية إلى النقيض مما تقدم.
__________________
(١) في (ب) : اكتسبوا.
(٢) في (د) : فيها ، وهو الأظهر.