المخصّص ، فيجب نفي المقدّر المفروض ، والاقتصار على المحقّق المعلوم ، والقضاء بأنّ الله تعالى يستحقّ هذه الصفات لذاته دون أن يستحقّها لعلة ولا لعلل ، بحمد الله تعالى.
فصل : وإذا ثبت أنه تعالى يستحق هذه الصفات لذاته ـ ثبت أنه عالم بجميع المعلومات على كل الوجوه التي تصح أن تعلم عليها ؛ لأنه لا اختصاص لذاته ولا لما هو عليه في ذاته من صفاته الواجبة الثابتة لذاته ببعض المعلومات دون بعض. فإمّا أن يعلمها على العموم فهو الذي نقول ، أو لا يعلم شيئا منها انتقض القول بكونه عالما ، وقد ثبت أنه تعالى عالم.
وإمّا أن يعلم بعضها دون بعض من دون مخصص ؛ فذلك لا يجوز ؛ لأنّ فيه إثبات الأحكام بغير دلالة ، وذلك يفتح باب كل جهالة ، وقد قال تعالى : (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [التغابن : ١١] ، وهذه آية عامة لم يخصّها شيء من الأدلة السمعية ولا العقلية ، وإنما المخصّص لكون الواحد منّا عالما هو العلم ، فإنّ الواحد منا عالم بعلم. والعلم الواحد لا يتعلق على سبيل التفصيل بأزيد من معلوم واحد ، وإلا تعدى إلى أكثر من ذلك ، وذلك محال.
يبين ذلك ويوضحه أنّ العلم الواحد لو تعلق بمعلومين أو ثلاثة فصاعدا ثم تعلّق الجهل بأحدهما لم يخل أن ينفي ذلك العلم الواحد الذي تعلق بجميعها فهذا محال ؛ لأنه يؤدي إلى أنّ الجهل بكون زيد في الدار يضاد العلم بكون عمرو في المسجد أو لا ينفيه ، وذلك أيضا محال ؛ لما بينها من التضاد ، أو ينفيه من وجه دون وجه وذلك محال لأنه يكون موجودا معدوما في حالة واحدة ، فثبت أن ذلك لا يجوز.
فصل : وإذا ثبت أنه تعالى يستحق هذه الصفات لذاته ـ وجب أن يكون قادرا على جميع أجناس المقدورات ، ومن كل جنس ، في كل وقت ،