لا يجب وإنما يحسن. فهذه القسمة الأولى ، وهي قسمة اللطف باعتبار فاعله. وأما قسمته باعتبار جنسه ونوعه فهو ينقسم إلى قسمين : مضارّ ومنافع. فالمضارّ كالأمراض والغلاء. والمنافع كالرّخص والرزق ونحو ذلك ، أما الأمراض فالكلام فيها يقع في ثلاثة مواضع : أحدها أنها (١) من فعل الله تعالى. والثاني أنها حسنة. والثالث في وجه حسنها.
أما الموضع الأول : فإنا نعتقد أنها من فعل الله تعالى
وهذا هو قول المسلمين عن يد. والخلاف في ذلك عن الملاحدة ، والمطرّفية ، والثّنوية ، والمجوس ، والطبائعية. والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه وفساد ما ذهبوا إليه أنّها محدثة ؛ لأنها من جملة الأعراض. وقد بيّنّا أن الأعراض محدثة. فبطل قول الملاحدة بقدمها. وإذا ثبت حدوثها فلا بدّ لها من محدث لما بينا أنّ كل محدث لا بد له من محدث وفاعل ؛ فبطل قول الطبائعية في إضافتها إلى الطبائع ؛ لأنّ المحدث يجب أن يكون حيا قادرا. ولو لم تكن من فعله تعالى لكانت من فعل القادرين بقدرة ؛ لما بيّنّا أنه لا قادر إلا القادر لذاته وهو الله تعالى ، أو (٢) القادر بقدرة وهو الواحد منا. ويبطل بذلك قول الثنوية. ولا يجوز أن تكون (٣) من فعل القادرين بقدرة ؛ لأنها لو كانت من أفعالهم لكانت توجد بحسب قصودهم ودواعيهم ، وتنتفي بحسب كراهتهم وصوارفهم. ومعلوم حصولها وإن كرهوا حصولها ، وانتفاؤها وإن أرادوا حصولها. فلم يبق إلّا أن تكون (٤) من فعل الله سبحانه.
__________________
(١) في (ب) : أنه.
(٢) في (ب) و (د) : والقادر.
(٣) في (ب). و (ج) : يكون.
(٤) في (ب). و (ج) : يكون.