تتناهى بتزايد واحد واحد مختلفة الحقائق هي أنواع العدد.
أقول : إذا أضيف إلى الوحدة وحدة أخرى حصلت الاثنينية وهي نوع من العدد ـ وقد ذهب قوم غير محققين إلى أن الاثنين ليس من العدد لأنه الزوج الأول فلا يكون نوعا من العدد كالواحد الذي هو الفرد الأول. وهذا خطأ لأن خواص العدد موجودة فيه وتمثيله بالواحد لا يفيد اليقين ولا الظن ـ فإذا انضم إليهما واحد آخر حصلت الثلاثة وهي نوع آخر من العدد ، فإذا انضم آخر حصلت الأربعة وهي نوع آخر مخالف للأول وعلى هذا كلما زاد العدد واحدا حصل نوع آخر من العدد. وهذه الأعداد أنواع مختلفة في الحقيقة لاختلافها في لوازمها كالصمم والمنطقية وأشباههما ولما كان التزايد غير متناه بل كل مرتبة يفرضها العقل يمكنه أن يزيد عليها واحدا فيحصل عدد آخر مخالف لما تقدمه بالنوع كانت أنواع العدد غير متناهية.
قال : وكل واحد منها أمر اعتباري يحكم به العقل على الحقائق إذا انضم بعضها إلى بعض في العقل انضماما بحسبه.
أقول : كل واحد من أنواع العدد أمر اعتباري ليس بثابت في الأعيان بل في الأذهان يحكم به العقل على الحقائق كأفراد الإنسان أو الفرس أو الحجر أو غيرها إذا انضم بعض تلك الأفراد إلى البعض سواء اتحدت في الماهية أو اختلفت فيها بل يؤخذ مجرد الانضمام في العقل انضماما بحسب ذلك النوع من العدد فإنه إذا انضم واحد إلى واحد حصل اثنان ولو انضمت حقيقة مع حقيقة مع ثالثة حصلت الثلاثة وهكذا.
وإنما لم يكن العدد ثابتا في الخارج لأنه لو كان كذلك لكان عرضا قائما بالمحل لاستحالة جوهريته واستقلاله في القيام بنفسه لأنه لا يعقل إلا عارضا لغيره فذلك الغير أما أن تكون له وحدة باعتبارها يحل فيه العرض الواحد أو لا يكون فإن كان الأول فتلك الوحدة إن وجدت في الآحاد لزم قيام العرض الواحد بالمحال المتعددة ، وإن قام بكل واحد وحدة على حدته لم يكن لذلك المجموع وحدة باعتبارها يكون محلا للعدد وقد فرض خلافه ، وإن كان الثاني فالعدد إما أن يكون موجودا في كل واحد من الأجزاء أو في