والملاطفة فإذا كان هذا معنى الصفات فلا فرق في تلك النسبة وهو أن لا يخفى عليه شيء من الكلي والجزئي والذاتي والعرضي وإذا فرقتم بين قسم وقسم فقد حكمتم بتعدد الاعتبار وتكثر الجهات والآثار ومن قال إن علم المعلول الأول بالأول لا يكون لازما لعلمه بذاته لأن مبدأ المعلول الأول قبل ذاته فلا يكون العلم بما هو قبل ذاته لازما لعلمه بذاته فيكون علما آخر على حده يتوجه على مساق كلامه أن كل من علم شيئا من حاجته وافتقاره لا يلزمه العلم بالمحتاج إليه لأن المحتاج إليه قبل ذاته وقبل حاجة ذاته بل إنما يعلمه بعلم آخر وليس الأمر كذلك بل العلم ربما يلزم من العلم ولا يستدعي لزوم العلم من العلم أو بالعلم لزوم المعلوم من المعلوم وإنما وقع له هذا الغلط من غلط آخر وهو أنه اعتقد أن المعلول الأول لزم وجوده من علم العلة الأولى به وعلمه به لزوم من علم العلة الأولى بذاتها فظن أن كل شيء علم وأنه بذاته لزم من علمه بذاته علم بغيره ولزم من علمه بغيره وجوده وهذا محال على أنه أثبت للمعلول الأول علمين علم بذاته وعلم آخر بعلته فيكون قد صدر من العلة الأولى شيء هو جوهر قائم بنفسه قام به معنيان مختلفان محققان ليس يلزم من أحدهما الثاني فقد خالف بذلك أصله الممهد أن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد ولا يغنيه عذره أن أحد الشيئين له لذاته والثاني من علته فإن علم المعلول بذاته غير وعلمه بالعلة غير وليس أحد العلمين له لذاته والثاني من علته ثم هو يعلم ذاته ويعلم معلوله الثاني فقد تكثرت الذات بعلوم زائدة على الذات على أنه عقل فعّال وإنما عقليته لأنه صورة مجردة عن المادة وإنما فعاليته لأنه صورة واهبة للصور فلم تتكثر ذاته بتكثر معلوماته من الصور ولا تتغير بتغير لوازمه من الموجودات فهلا كان الأمر في واجب الوجود كذلك.
وأما من قال منهم : إنه يعلم الأمور على وجه كلي لا يتطرق إليه التغير فنقول كل موجود شخصي في هذا العالم يستدعي كليا خاصا بذلك الشخص فإن كلية الشخص الإنساني وهو كونه إنسانا ليس بكون كلية شخص حيوان آخر بل الكليات تتكثر بحسب تكثر الشخصيات فإذا كان لا يعلم الشخصي إلا من نحو كليته حتى لا يتغير العلم بالكلية ويتغير العلم بالجزئية فيلزم أن يتكثر العلم بكليته كما يتكثر بشخصيته وإن اجتمعت الكليات كلها في كل واحد فيلزم أن لا يكون المعلوم إلا ذلك الكلي الواحد ثم ذلك الكلي الواحد لازم له في وجوده فيكون العلم به لازما للعلم بذاته فهو رجوع إلى محض مذهب من قال إنه لا يعلم إلا ذاته فما زاد هذا القائل على مذهبه إلا إطلاق لفظ الكلية وهي معلومة لزوما كما كانت الجزئيات معلومة لزوما فلم يستفد من هذه الزيادة شيئا ومن عرف مبادئ الموجودات عرف ما