كونه قبيحا وحسنا ومنهيا عنه ومأمورا به ومن المعلوم أن المطلوب بالتكليف مختلف الجهة فمنه ما هو واجب فعله ويثاب عليه ويمدح به ومنه ما هو واجب تركه ويعاقب على فعله ويذم عليه.
وإن قلتم : المكلف به هو جهة يستحق المدح والذم عليه فهو مسلم وذلك الوجه ليس يندرج تحت القدرة وما اندرج لم يكن مكلفا به فسقط الاحتجاج بالتكليف.
فإن قيل المقدور هو وجود الفعل إلا أنه يلزمه ذلك الوجه المكلف به لا مقصودا بالخطاب.
قيل : لا يغنيكم هذا الجواب فإن التكليف لو كان مشعرا بتأثير القدرة في الوجود كان المكلف به هو الوجود من حيث هو وجود لا غير ولكن تقدير الخطاب أوجد الحركة التي إذا وجدت يتبعها كونها حسنة وعبادة وصلاة وقربة فما هو مقصود بالخطاب غير موجود بإيجاده فيعود الإلزام عكسا عليكم افعل يا من لا يفعل فليت شعري أي فرق بين مكلف به لا يندرج تحت قدرة المكلف ولا يندرج تحت قدرة غيره وبين مكلف به اندرج تحت قدرة المكلف من جهة ما كلف به واندرج تحت قدرة غيره من جهة ما لم يكلف به أليس القضيتان لو عرضتا على محك العقل كانت الأولى أشبه بالجبر فهم قدرية من حيث أضافوا الحدوث والوجود إلى قدرة العبد إحداثا وإيجادا وخلقا وهم جبرية من حيث لم يضيفوا الجهة التي كلف بها العبد إلى قدرته كسبا وفعلا كما قيل أعور بأي عينيه شاء ثم يلزمهم الأعراض التي اتفقوا على أنها حاصلة بإيجاد الباري سبحانه وقد ورد الخطاب بتحصيلها أو بتركها وتوجه الثواب والعقاب عليها وهي أيضا مما يتعارفه الناس ويتداولونه مثل الألوان والطعوم واستعمال الأدوية والسموم والجراحات المزهقة للروح والفهم عقيب الإفهام والشبع عقيب الطعام إلى غير ذلك فإن هذه كلها حاصلة بإيجاد الباري سبحانه وقد يرد الخطاب بتحصيلها عقيب أسباب يباشرها العبد.
ووجه الإلزام أن الخطاب يتوجه بتحصيل أعيانها مقصودا ولذلك يعاقب على قدر ويمدح على قدر ومن المعلوم أن من استأجر صباغا ليبيض ثوبه فسوده غرم ومن قتل إنسانا بسم استوجب القود ومن أحرق ثوب إنسان أو أغرق سفينة أو فتح بثقا حتى هلك زرع أو هدم دار عوقب على ذلك وضمن وغرم ، فمورد التكليف ما اندرج تحت القدرة وما اندرج تحت القدرة غير مورد التكليف.
والجواب عن السؤال من حيث التحقيق أنا قد بينا وجه الأثر الحاصل بالقدرة