من الفعل وتيسر التأتي يحس من نفسه الافتقار والاحتياج إلى معين في كل ما يتصرف ويجد في استطاعته ويتكلف فقدان الاستقلال والاستبداد بالفعل في كل ما يأتي ويذر ويقدم ويؤخر من تصرفات فكره نظرا واستدلالا ومن حركات لسانه قيلا وقالا ومن ترددات يديه يمينا وشمالا فيحس الاقتدار على النظر ولا يحس الاقتدار على العلم بعد حصول النظر فإنه لو أراد أن لا يحصل لا يتمكن منه ويحس من نفسه تحريك لسانه بالحروف ولو أراد أن يبدل المخارج ويغير الأصوات لم يتمكن من ذلك ويحس تحريك يديه وأنملته ولو أراد تحريك جزء واحد من غير تحريك الرباطات المتصلة لم يتمكن من ذلك وعند الخصم القدرة صالحة للأضداد والأمثال وهي متشابهة في القادرين فالعبد مستقل بالإيجاد والاختراع وليس إلى الباري سبحانه وتعالى من هذه الأفعال إلا خلق القدرة فحسب واشتراط البنية من أضعف ما يتصور والحق في المسألة تسليم التمكن والتأتي والاستطاعة على الفعل على وجه ينتسب إلى العبد وجه من الفعل يليق بصلاحية قدرته واستطاعته وإثبات الافتقار والاحتياج ونفي الاستقلال والاستبداد فنجد في التكليف موردي الخطاب فعلا واستطاعة ويضاف في الجزاء مقابلة وتفضلا والله أعلم (١).
__________________
(١) انظر : غاية المرام (ص ٦٨ ، ٨٩ ، ١٠٠ ، ٢٢٢) ، والفرق بين الفرق البغدادي (ص ٣٢٩ ، ٣٣٨) ، ومقالات الإسلاميين للأشعري (ص ١٠٦ ، ١٠٧).