تحقيق كون الاله قادرا على شيء لا يقدر على اقراره.
وقالوا في باب التعديل والتجوير ان الله لو علم انه لو خلق الخلق لم يؤمن به احد منهم لكان خلقه لهم عبثا منه ، وانما حسن منه احداث الخلق بعلمه بان بعضهم يؤمن به ، فحجروا على ربهم احداث الكفرة على الانفراد ، مع علمهم بان كفر الكافرين لا يضره كما لا ينفعه ايمان المؤمنين.
وزعم قوم منهم ان اوّل خلق يخلقه الله عزوجل يجب ان يكون حيا ، يصح منه الاعتبار ، وانه لو بدأ بخلق الجمادات لم يكن حكيما. وزادوا في هذا على القدرية الذين قالوا لا بد من ان يكون في جملة الخلق من يصح منه الاعتبار مع جواز الابتداء بالجمادات ، وقد صح الخبر بان الله بدأ باحداث اللوح والقلم ، ثم اجرى / القلم على اللوح بما هو كائن الى يوم القيامة.
وزعموا أيضا انه لا يجوز في حكمة الله تعالى اخترام الطفل الذي يعلم انه لو بلغ لآمن ، ولا الكافر الذي في علمه انه لو زاد في عمره لآمن ، الا ان يكون في اخترامه اياه قبل وقت ايمانه صلاح لغيره. وهذا قول اكثر القدرية.
وقلنا للكرامية : اذا لم توجبوا على الله ان يفعل بالعبد ما هو اصلح له ، فكيف اوجبتم عليه ان يفعل به الاصلح بغيره؟
وزعموا ان النبوة والرسالة صفتان قائمتان بالنبي الرسول سوي الوحي إليه وسوي ارساله اياه.
وزعموا ان من حصل فيه تلك الصفة وجب على الله عزوجل ارساله. وزعموا انه لا يجوز من الله تعالى عزل الرسول عن رسالته قبل موته. ـ وزعموا انه يصح من النبي كل ذنب لا يوجب حدا ، ولا يسقط عدالته ، واجاز بعضهم عليه الخطأ في التبليغ / وزعم ان نبينا صلى الله وسلم اخطأ في سورة «والنجم» حتى جرى على لسانه «تلك الغرانيق العلى وانّ شفاعتها ترتجى» (١). وقال اصحابنا : ذلك من القاء الشيطان في خلال تلاوة النبي صلىاللهعليهوسلم. واوجبوا عصمة الأنبياء عليهمالسلام عن الذنوب بعد النبوة ، وتأولوا ما ذكر في القرآن من ذنوبهم على وقوعها قبل نزول الوحي عليهم ، وحجرته الكرامية على ربها
__________________
(١) مسألة «الغرانيق» اخلوقة ساقطة (انظر ط الكوثري ص ١٣٥ هامش رقم ١ و ٢).