في فرقة من فرق اهل الضلالة قط حسر عن بلاد الكفر ، وليس لهم ثغر ينسب إليهم بالفتح. وقد حرموا الجهاد مع أمراء اهل السنة لتكفيرهم اياهم. وانما الجهاد في الثغور من اهل السنة. ـ وبان بذلك تحقيق الهداية فيهم لقول الله تعالى : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) (٢٩ / ٦٩) ـ وما خرج قط من اهل الاهواء جيش الا على المسلمين في دار الاسلام ، كخروج الخوارج على علي ، عليهالسلام ، بالنهروان ، وخروج الازارقة بنواحي الاهواز وفارس وكرمان ، وخروج النجدات باليمامة ، وخروج العجاردة بنواحي سجستان وفهمسان ، وخروج المنصورية بما وراء النهر على المسلمين ، / وخروج القدرية مع ابراهيم بن عبد الله بن الحسن ابن الحسين بن علي بالبصرة على المنصور حتى لحق ابراهيم شومهم فقتل معهم ، وخرجوا أيضا مع برز الناقض بعد ان اغروه بالقدرة ، فلحقه شومهم ، فكان على بني امية اشام من التشويش ، واشام من الداحس والغبراء على العرب.
وما خص الله تعالى به اهل السنة انه عصمهم من تكفير بعضهم بعضا فيما اختلفوا فيه ، لانهم لم يختلفوا في اصول التوحيد ، ولا في اصول الوعد والوعيد ، وانما اختلفوا في شيء من احكام الحلال والحرام ، والخلاف فيها لا يوجب تكفيرا ولا تضليلا. ومن اعتبر وجوه الخلاف لهنّ متكملي اهل السنة كالحارث المحاسبي ، وعبد الله بن سعيد ، والحسين بن الفضل ، وعبد العزيز المكي ، والقلاتي والاشعري ، واقرانهم ، لم نجد فيما بينهم خلافا يوجب / تكفيرا. وكذلك فقهاؤهم ، كمالك ، والشافعي ، وابن حنيفة واتباعهم ، يختلفون في فروع ليس فيها تضليل ولا تكفير. ووجدنا الروافض فرقا تكفر بعضها بعضا ، كتكفير الزيدية والامامية الغلاة منهم ، ولا تكفر بعض الغلاة بعضا ، وفرق الخوارج ان تزيح الناس بعضها لبعض. ـ ووجدنا القدرية مسرعة الى تكفير بعضها بعض ، وحسبك
__________________
ويتكلم عن الصنف السابع منهم فيقول : «قوم مرابطون في ثغور المسلمين في وجوه الكفرة ، يجاهدون اعداء المسلمين ، ويحمون حمى المسلمين ...» (ط. بدر ص ٣٠٣ ، ط. الكوثري ص ١٩٠ ، ط. عبد الحميد ص ٣١٧). ولكن هذا التقسيم غير وارد هنا في كتاب «الملل والنحل» بل جاء ذكر الجهاد بالقتال في ثغور الاسلام. والآية المذكورة هنا (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا ... سُبُلَنا) هي التي يحتج بها أيضا البغدادي في كتاب «الفرق».