في خاطر بشر انه يتمكن من مثله لكثرة ما فيه من فنون علمه. وتصانيفه في الكلام والفقه والحديث والمقدرات (الحساب) التي هي أم الدقائق تخرج عن الحصر ، لم يسبق الى مثل كتبه في هذه الانواع ، من حسن عبارته ، وعذوبة بيانه ، ولطافة كلامه في جميع كتبه».
ويذكر الشيخ محمد زاهد بن الحسن الكوثري في مقدمة طبعته لكتاب «الفرق بين الفرق» (القاهرة ١٣٦٧ ه / ١٩٤٨ م) : «له (لعبد القاهر البغدادي) مؤلفات كثيرة ذكر ابن السبكي كثيرا منها ؛ ومن انفعها كتاب «الملل والنحل» وهو من محفوظات مكتبة الاوقاف ببغداد» (ص ٧). ويضيف الشيخ الكوثري في هامش ١ من ص ٦٥ من طبعته لكتاب «الفرق بين الفرق» : «كتاب «الملل والنحل» في مكتبة الاوقاف ببغداد ، وكان في مكتبة عاشر في الآستانة».
وقد ذكر الدكتور فيليب حتّى في مقدمة طبعته لكتاب «مختصر كتاب الفرق بين الفرق» اختصار عبد الرزاق بن رزق الله ابي بكر بن خلف الرّسعني (ص ٨) طبعة الهلال بمصر سنة ١٩٢٨ : «وان كانت قيمة الكتاب (كتاب الفرق بين الفرق) باعتبار البحث والاستقراء دون قيمة أخويه «كتاب الملل والنحل» للشهرستاني (المتوفى سنة ٥٤٨ ه / ١١٥٣ م) و «كتاب الفصل في الملل والاهواء والنحل» لابن حزم (المتوفى ٤٥٦ ه / ١٠٦٣ م) ، فلكتاب «الفرق بين الفرق» ميزة الاسبقية عليهما ، فهو أقدم مصدر نستقي منه معلومات بشأن نشوء الفرق الاسلامية وتأثير بعضها على بعض ، وتأثير الفلسفات اليونانية (واخصها الافلاطونية الجديدة) والديانات المسيحية واليهودية والفارسية والهندية عليها ـ ولدى الاطلاع يتبين ان ظهور أكثر الفرق الاسلامية يمثّل ردّ الفعل الذي حصل في العقل الاسلامي السامي من عوامل الديانات والفلسفات التي احتك بها المسلمون في سورية والعراق وبلاد فارس. وهذا هو تعليل عدم قيام فرق اسلامية ذات شأن في جزيرة بلاد العرب» ـ ه.
ولكن هناك كتاب اسبق عهدا من كتاب «الفرق بين الفرق» يعرض مواقف مختلف الفرق الاسلامية حتى القرن الرابع الهجري ، وهو كتاب «التنبيه والرد على اهل الاهواء والبدع» لابي الحسين محمد بن احمد بن عبد الرحمن الملطي