ان الله بدّله : اما سمعتم قوله : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) (١)؟ ـ وكان في بعض حروبه قد اسر رجلا من اصحاب مصعب بن الزبير يقال له سراقة بن مرداس البارقي (٢) ، فقال له : «ما اسرني اصحابك ، وانما غلبنا الملائكة الذين (٣) كانوا في جيشك [ ] (٤) خيل خضر. فاعجبه ذلك ، فاطلق عنه ، فلحق بمصعب ، ثم كتب الى المختار يقول :
«ألا ابلغ أبا إسحاق اني |
|
رأيت الخضر وهما مصمتات |
أري عينيّ ما لم تبصراه |
|
كلانا عالم بالتّرهات |
كفرت لوحيكم وجعلت نزرا |
|
علي قتالكم حتى الممات» |
ثم ان مصعبا حاصر المختار في قصره بالكوفة حتى خرج إليه / مستقبلا ، فقتله اخوان يقال لهما طارف وطريف ، ابناء عبد الله بن دجاجة الحنفي.
وقال في ذلك اعشى همدان :
__________________
(١) الآية (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) قرآن كريم سورة الرعد آية ٣٩.
البداء : هو ان يقرر الله شيئا ثم يعدل عنه ويبدله ـ الشهرستاني ١ : ١٩٨ وابن حزم ٤ : ١٨٢ «وطائفة منهم تقول ان الله تعالى يريد الشيء ويعزم عليه ثم يبدو له فلا يفعله. وهذا مشهور للكيسانية».
(٢) سراقة بن مرداس البارقي : نسبة الى جبل بارق باليمن ينزله الأزد ، فارس مشهور ، وشاعر معروف. جاء في طبعة الكوثري ص ٣٢ : «واسر جماعة منهم وكان في الأسراء رجل يقال له سراقة بن مرداس البارقي ، فتقدم الى المختار ؛ وخاف البارقي ان يأمر بقتله ، فقال للذين اسروه وقدموه الى المختار : «ما انتم اسرتمونا ، ولا انتم هزمتمونا بعدتكم ، وانما هزمنا الملائكة الذين رأيناهم على الخيل البلق فوق عسكركم». فأعجب المختار قوله هذا ، فاطلق عنه. فلحق بمصعب بن الزبير ، ولاه اخوه عبد الله العراقين ، فسار إليه عبد الملك بن مروان فقتله سنة ٧٢ ه بالبصرة وكتب منها الى المختار هذه الأبيات :
الا أبلغ أبا اسحاق أنّي |
|
رأيت البلق دهما مصمتات |
أري عيني ما لم تنظراه |
|
كلانا عالم بالترهات |
كفرت بوحيكم وجعلت نذرا |
|
عليّ قتالكم حتى الممات» |
(٣) في المخطوط : الذي.
(٤) بياض في المخطوط ربما المقصود : ورأيناهم على.