وقسم آخر يصدر منه عن إرادة واختيار. ويتّسم بسمة الأعمال الاختيارية غير الاضطرارية ، كدراسته ، وكتابته ، وتجارته ، وزراعته.
وعلى ما سبق من أنّ علم الله تعالى تعبير عن الواقع بما لا يتخلّف عنه قيد شعرة ، فيتعلّق علم الله بها على ما هي عليه من الخصائص والألوان. فتكون النتيجة أنّه سبحانه يعلم من الأزل بصدور فعل معين في لحظة معينة من إنسان معين إمّا بالاضطرار ، أو الإكراه ، أو بالاختيار والحرية ، وتعلّق مثل هذا العلم لا ينتج الجبر ، بل يلازم الاختيار. ولو صدر كل قسم على خلاف ما اتّسم به لكان ذلك تخلّفا عن الواقع.
انّ ما ذكرناه من الجواب هو المفهوم من كلمات المحقّقين من علمائنا :
١. قال صدر المتألّهين : إنّ علمه وإن كان سببا مقتضيا لوجود الفعل من العبد ، لكنه انّما اقتضى وجوده وصدوره المسبوق بقدرة العبد واختياره وإرادته ، لكونها من أسباب الفعل وعلله ، والوجوب بالاختيار لا ينافي الاختيار بل يحقّقه.