والعجب انّ الرازي قد تنبّه لما ذكرناه في بعض كتبه حيث يقول في «المباحث المشرقية» : من قضاء الله وقدره ، وقوع بعض الأفعال تابعا لاختيار فاعله ، ولا يندفع هذا إلّا بإقامة البرهان على ان لا مؤثر في الوجود إلّا هو (١).
وما زعمه الرازي دافعا لما ذكره أوّلا ناشئ عن حصر التأثير الاستقلالي والتبعيّ بالله سبحانه ، وقد عرفت خلافه وانّ الوجود بعامّة مراتبه ليس منفكا عن التأثير غاية الأمر ، لكلّ مرتبة تأثير ، حسب مراتبه ودرجاته ، ونحن في الوقت الذي نؤمن بأنّه لا مؤثر في الوجود إلا الله ، نؤمن بتأثير عامة الفواعل في الوجود بإذن الله سبحانه.
٢. قال العلّامة الطباطبائي : إنّ العلم الأزلي متعلّق بكل شيء على ما هو عليه ، فهو متعلّق بالأفعال الاختيارية بما هي اختيارية ، فيستحيل أن تنقلب غير اختيارية ، وبعبارة أخرى : المقضيّ ، هو ان يصدر الفعل عن الفاعل الفلاني اختيارا ، فلو
__________________
(١). لاحظ : الأسفار : ٦ / ٣٨٥ ـ ٣٨٧.