سلطانه وملكه ، بإذنه وإرادته ، لكنه لا بمعنى أنّه سبحانه يريد الظلم والبغي للعباد ابتداء ، بل يريده إذا أراد العبد واختاره ، ومعنى إرادته سبحانه الظلم والبغي عندئذ أنّ العبد في اختيار كل من الفعل والترك غير مستغن عن إرادته كعدم استغنائه عن حوله وقوته سبحانه فلو أراد فإنّما أراد بإرادته ، ولئن قام فإنّما قام بحوله ، ولئن ترك فبإرادته ، فإذا كان العبد غير مستغن في إرادته ، عن إرادته سبحانه ، فالله سبحانه : أيضا غير أجنبي عن إرادة العبد وفعله ، لكون الجميع قائما به وبإرادته ، وهذا معنى تعلّق إرادته ، بأفعال العبد خيرها وشرّها ، فتعلّق إرادته بها شيء وكونه الفاعل للخير والشر والحسن والقبيح ومريدهما ابتداء ومباشرة شيء آخر والمنفي هو الثاني دون الأوّل.
وبعبارة أخرى : القبيح أن يجبر العبد على الظلم والبغي والفساد بالإرادة التكوينية مباشرة وابتداء وامّا إذا خلق العبد حرّا ومختارا ، في إرادة أيّ جانب من جوانب الفعل ، ثم هو اختار جانبا حسنا أو قبيحا من جانبي الشيء باستعانة من إرادته سبحانه ، فلا يعدّ مثل هذا التعلّق ، أمرا قبيحا ، فإنّ تعلّق إرادته سبحانه بفعله في هذا الظرف. انّما هو لازم وجوده الإمكاني ، ولا محيص عنه ، ومثل هذا التعلّق ، لا يكون قبيحا.