الوجود ولا اقتضاء العدم ، وإلّا صار إمّا واجب الوجود أو ممتنعه. مع أنّ المفروض انّه ممكن الوجود ، فلخروجه عن حدّ الاستواء ، يحتاج إلى عامل خارج عن ذاته يسوقه إلى أحد الجانبين ، لكن عدم العلّة ، كاف في السوق إلى جانب العدم ولا يتوقف على علّة العدم حتى يضفي عليه وصف العدم ، إذ العدم بطلان محض ، وظلمة بحتة ، فعدم الوجود لعامل الوجود والنور كاف في بقاء النهي على بطلانه ، وظلمته. وأمّا جانب الوجود ، فهو يتوقف على سبب وجوديّ ، يخرجه من البطلان إلى الحق ، ومن الظلمة إلى النور وهذا هو الأصل المسلّم بين جميع الفرق ، من حاجة الممكن إلى العلّة ، وانّ الترجّح بلا مرجّح أمر باطل مخالف للفطرة ، وهو من القضايا البديهية عند العقل ، لا من الأمور التجريبية كما أوضحناها في بحوثنا الفلسفية ، لأنّ التجربة ومشاهدة انّ كلّ حادث لا يتحقّق إلّا بعد تحقّق شيء آخر قبله ، لا تثبت إلّا تقارن الأمرين واتفاقهما معا ؛ وأمّا أنّ الثاني ناشئ من الأوّل ، ومفاض منه ، فهذا ما لا تعطيه التجربة ، ولأجل ذلك عجز من اعتمد على التجربة في إثبات المفاهيم الكلّية الفلسفية ، عن إثبات قانون العليّة فأنكره أو شكّ فيه ، وأمّا نحن فنراه من الأمور البديهيّة الواضحة لدى العقل ، وانّه يحكم بالبداهة انّ الفقدان لا يكون منشأ للوجدان ، وانّ فاقد الشيء