وإرادته كعلمه يتعلّق بجهة الوجود والكمال ، ويستحيل أن يتعلّق بجهة العدم والنقص ، فذاته سبحانه كشف تام عن الجهة الأولى وهي أيضا مراده ، ويستحيل أن تكون ذاته كشفا تامّا عن العدم والنقص ، فإنّ الأعدام والنقائص ليست بشيء ، لأنها بطلان محض.
وبعبارة أخرى : إنّ العلم يكشف عن المعلوم بما هو موجود ولا يكشف عن الأعدام وما في وزانها من النقائص والشرور ، بل يكون كشفه عنها بالتبعيّة والعرض ، فصرف الوجود ـ الذي هو كل الأشياء ، وبسيط الحقيقة التي بوحدتها وبساطتها جامعة لكلّ الأشياء ـ إنّما يكشف في مقام الذات عن الأشياء والموجودات دون الأعدام والنقائص المحضة ، وقد ثبت في محلّه أنّ واقع القبائح من الشرّ والظلم والكفر ، عدم وبطلان محض ، فلا يتعلّق بها العلم ولا الإرادة إلّا تبعا وعرضا.
أقول : قد أشار إلى هذا الجواب صدر المتألّهين ، وقال : إنّ فيض وجوده يتعلّق بكل ما يعلمه خيرا في نظام الوجود ، فليس في العالم الإمكاني شيء مناف لذاته ولا لعلمه الذي هو عين ذاته ولا أمر غير مرضيّ به ، فذاته بذاته كما أنّها علم تام بكل خير موجود ، فهي أيضا إرادة ورضاء لكل خير ، إلّا أنّ أصناف الخير