متفاوته وجميعها مرادة له ـ إلى أن قال : ـ فالخيرات كلّها مرادة بالذات ، والشرور القليلة اللازمة للخيرات الكثيرة أيضا إنّما يريدها بما هي لوازم تلك الخيرات لا بما هي شرور ، فالشرور الطفيفة النادرة داخلة في قضاء الله بالعرض ، وهي مرضيّ بها كذلك ، فقوله تعالى: (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) (١) وما يجري مجراها من الآيات معناه أنّ الكفر وغيره من القبائح غير مرضى بها له في أنفسها وبما هي شرور ولا ينافي ذلك كونها مرضيا بها بالتبعية والاستجرار. (٢)
فتلخّص من ذلك : أنّ علمه تعالى إنّما يتعلّق بالموجود بما هو موجود الذي يساوق الخير والكمال ، فلا بدّ أن يكون كشفه عن نقيضه الموسوم بالعدم والشرّ بالتبع والعرض فيكون وزان العلم وزان الإرادة ، وبالعكس يتعلّق كل بما يتعلق به الآخر بالذات وبالعرض.
إلى هنا تبيّن أنّ الشبهة غير مجدية في سلب الإرادة عن مقام الذات.
نعم لا نشاطر القوم الرأي في إرجاع الإرادة إلى العلم بالمصالح ، وذلك لأنّ أصل الإرادة كمال ، وإرجاعه إلى العلم
__________________
(١). الزمر / ٧.
(٢). الأسفار : ٦ / ٣٤٣ ـ ٣٤٥.