معنى احتفاف وجود الممكن ، بضرورة سابقة (١).
والمتتبع لمظان القاعدة وما أقاموه برهانا ، على صحتها يقف على أنّ الوجه غير ذلك، حتى أنّ تفسير قولهم : «الممكن محتف بالضروريات» بما ذكره قدس سرّه خاطئ جدا. فلاحظ شرح المنظومة والأسفار.
ولك أن تستوضح الحال من العلّة المركبة ، فإنّ وجود المعلول رهن جميع أجزاء العلّة ، لأنّ فقدان كل جزء من أجزاء العلّة طريق لعدم المعلول ، ويهدّد وجوده فلا يوجد ، إلّا بوجود جميع الأجزاء ، وعند ذاك يسدّ جميع أبواب العدم في وجه المعلول ، ويصير واجب الوجود من جانب العلّة. وإلّا فلو افترضنا عندئذ احتمال تطرق العدم لزم أن لا يكون ما افترضناه علّة تامة ، كذلك ، وهو خلف ، فإذا كانت علّة تامة وكانت أبواب العدم مسدودة ، صار الفعل قطعيّ الوجود وواجبه.
ولأجل ذلك يقال : الشيء ما لم يجب وجوبا مفاضا من جانب العلّة لم يوجد ، ولكن استنتاج الجبر منه غريب جدا ، وذلك إذ لا ملازمة بين وجوب الفعل وكون الفاعل له فاعلا موجبا ، بل النسبة بين الأمرين عموم مطلق ، فإنّ كل فاعل
__________________
(١). المحاضرات : ٢ / ٥٨.