النفس)؟ والحق هو الثاني ، أيّ انّ هناك مرتبة أخرى بعد الإرادة تسمّى بالطلب ، وهو نفس الاختيار وتأثير النفس في حركة العضلات. والبرهان عليه انّ الصفات العامة للنفس من التصوّر والتصديق والإرادة كلّها غير اختيارية ، فإن كانت حركة العضلات مترتبة عليها من غير تأثير النفس فيها وبلا اختيارها ، يلزم أن لا تكون العضلات منقادة للنفس وحركاتها ، وهو باطل وجدانا ، فإنّ النفس تامة التأثير في العضلات من دون أن يكون لها مزاحم في سلطانها وملكها.
وما يقال في الجواب عنها بأنّ استحقاق العقاب مترتب على الفعل الاختياريّ ، أيّ الفعل الصادر عن الإرادة ، وإن كانت الإرادة غير اختيارية ، فهو لا يسمن ولا يغني من جوع ، بداهة انّ المعلول لأمر غير اختياري ، غير اختياري ، وبذلك يتضح أنّ علّية الإرادة ، هادم لأساس الاختيار بخلاف ما إذا أنكرنا علّية الصفات النفسانية (الثلاث) للفعل ، وقلنا : إنّ النفس مؤثرة بنفسها في حركات العضلات من غير محرّك خارجي ، وتأثيرها المسمّى بالطلب انّما هو من قبل ذاتها فلا يلزم محذور.
فإن قلت : إنّ الذي جعلته متوسطا بين الإرادة وحركة