العضلات ، ممكن لا واجب ، فهو يحتاج إلى علّة ، فهل علّته التامة اختيارية أو غير اختيارية لا سبيل إلى الأوّل لاستلزامه التسلسل ، وعلى الثاني يلزم الجبر؟
قلت : إنّ المتوسط أمر ممكن ، حادث وهو نفس الاختيار الذي هو فعل النفس ، وهو بذاته يؤثّر في وجوده الاختيار ، فلا يحتاج إلى علّة موجبة لا ينفك أثرها إذ العلّية بنحو الإيجاب انّما هي في غير الأفعال الاختيارية ، نعم لا بد في وجوده من فاعل وهو النفس ، ومرجّح وهو الصفات النفسانية ، والاحتياج إلى المرجّح لأجل خروج الفعل عن العبثية. (١)
يلاحظ عليه : أوّلا : أنّ الإرادة ليست ، نفس الشوق المؤكّد ، ولا الشوق المحرّك للعضلات ، لأنّ الشوق من مقولة الانفعال ، والإرادة من مقولة الفعل ، مضافا إلى أنّه ربّما يريد الإنسان بلا شوق نفساني ، وانّما يفعله لغايات أخرى كشرب الدواء المرّ ، فتفسير الإرادة بالشوق خاطئ من وجهين كما عرفت.
ثانيا : لا شك في وجود المرحلة الرابعة بعد الشوق المؤكد ، وانّما الكلام في تعيّنها والذي يلمسه كل فاعل ، مريد من صميم نفسه ، انّه بعد حصول الشوق النفساني ، أو العقلائي ـ كما في
__________________
(١). أجود التقريرات : ١ / ٩٠ ـ ٩١.