الثانية : الاستغناء في جانب الفعل مع أنّ الفعل ممكن مثل الذات.
٥. الاستغناء في الفعل مستلزم للاستغناء في الذات
إنّ الإنسان يوم ولد كان إنسانا مجرّدا عن أيّ ملكة صناعية أو علمية أو أخلاقية ، لكنّه في ظل الممارسة والتمرين والتعلّم ، يكتسب ملكات مختلفة ، في مجالات الصنعة والعلم والقيم ، وتكون راسخة في ذاته ، فيكون الإنسان هو الحيوان المفكّر صاحب الملكات المتنوعة والّتي لا تكون خارجة عن ذاته.
فاذا كان الفعل ، غير مستند إلى الواجب ، تكون الذات المتحصل من تكرّر الفعل غير مستند إلى الواجب سبحانه ، ومعنى هذا هو الاستغناء عن الواجب ذاتا وفعلا وهو خلف ، وإليه يشير الحكيم السبزواري في منظومته ويقول :
وكيف فعلنا إلينا فوّضا |
|
وإن ذا تفويض ذاتنا اقتضى |
إذ خمّرت طينتنا بالملكة |
|
وتلك فينا حصلت بالحركة |
وقال في شرحه : إذ الملكات انّما تحصل من تكرّر الأفعال ، والحركات نفسانية كانت أو بدنية ، والمفروض انّ تلك الأفعال والحركات مفوّضة إلينا وحقائق ذواتنا وهوياتنا ليست إلّا