اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (١).
ولا يصح هذا الإيجاب في عين السلب إلّا على الوجه الذي ذكرنا ، وهذا يعرب عن أنّ للفعل نسبتين وليست نسبته إلى العبد ، كلّ حقيقته وواقعه ، وإلّا لم تصح نسبته إلى الله كما أنّ نسبته إلى الله ليست خالصة (وإن كان قائما به تماما) بل لوجود العبد وإرادته ، تأثير في طروء عناوين عليه.
٢. نرى أنّ الذكر الحكيم ، ينسب الفعل في آية إلى العبد ، وفي آية أخرى إلى الله سبحانه ولا تصح النسبتان إلّا على ما ذكرنا.
قال سبحانه : (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) (٢).
وقال سبحانه : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) (٣).
والآيتان نازلتان في حق بني إسرائيل وهما في مقام الذم ، فلو لم يكن لهم دور في عروض القسوة إلى قلوبهم ، لم يصح ذمّهم بقسوتهم ، والآية الثانية يعرف مدى مدخليّتهم في توجه الذم إليهم وهو نقضهم ميثاقهم ، ولأجل ذلك جعل سبحانه
__________________
(١). الأنفال : ١٧.
(٢). البقرة : ٧٤.
(٣). المائدة : ١٣.