وتكون منه فتكون كالحسنة من الله تعالى ، وبما انّ الإنسان بأعماله غير المرضية وطغيانه على ما كلّف به ، يستحق النقمة والبلاء ، تصح ان تنسب إليه السيئة ، وكلتا النسبتين نسبة حقيقية لا تزاحم إحداهما الأخرى ، ويؤيد صحة النسبة الثانية قوله سبحانه : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (١).
فتكذيبهم الأنبياء صار سببا لسدّ أبواب بركات السماء والأرض ، فلا يكون نصيبهم في الحياة إلّا الجدب والغلاء.
وهناك سؤال آخر وهو انّه إذا صحّت نسبة السيئة إلى الإنسان لأجل انّه هو الباعث بأعماله نزول الغلاء والجدب أو الهزيمة في الغزو ، فلتكن كذلك الحسنة ، فالإنسان المطيع المخلص ينزّل البركة من السماء في ظلّ عمله ، ومع ذلك لا ينسب القرآن ، الحسنة إلى الإنسان أبدا ، فما هو الفرق بين السيئة والحسنة؟
والجواب :
انّ التحليل الصحيح يؤدّي بنا إلى القول بأنّ الحسنة من باب
__________________
(١). الأعراف : ٩٦.