التفضّل لا من باب الاستحقاق ، بخلاف السيئة فإنّها من باب الاستحقاق. فالإنسان بطغيانه على مولاه وجرأته عليه يستحق نزول البلاء ، ولكنه بإطاعته وإخلاصه وامتثاله لأوامر مولاه لا يستحق شيئا على مولاه ، لأنّه انّما قام بالطاعة بالمواهب التي منحها الله سبحانه إليه ، ولم يكن مالكا لشيء ، منفقا له في مسير الطاعة حتى يستحقّ شيئا على الله ، بل انّ وجوده وإرادته وأعضاءه وأفعاله كلّها مواهب لله. فصار عمله أشبه بإحسان الولد لوالده بما ملّكه له ، وللفرق الواضح بين الحسنة والسيئة نرى أنّ الحديث القدسي المنقول عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يفرق بين الحسنة والسيئة ويقول : «يا بن آدم بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء ، وبنعمتي أدّيت إليّ فرائضي ، وبقدرتي قويت على معصيتي ، خلقتك سميعا بصيرا ، أنا أولى بحسناتك منك وأنت أولى بسيئاتك منّي» (١).
__________________
(١). المجلسي : بحار الانوار : ٥ / ٤ ح ٣ ، كتاب العدل والمعاد ، الباب الأوّل.