وبعمله هذا يقرب الممكن من طروء الصور النوعيّة عليه حتى تتحرك من مرحلة إلى أخرى ، إلى أن تصلح لأن تفاض عليها الصورة الإنسانية المجرّدة.
إنّ عدم التمييز بين الفاعلين انجرّ إلى الوقوع في أخطاء فادحة ، فالمادّي بما أنّه لا يؤمن بعالم الغيب ، يرى الفواعل الطبيعية كافية لخلق الصور الجوهرية الطارئة على المادة ، ولكنّه لم يفرّق بين واهب الصور ، ومعدّ المادة ، وقس على ذلك سائر العلل الطبيعية.
إذا علمت ذلك فنقول : إنّ المجعول في دار الإمكان هو الوجود وهو أثر جعل الجاعل وهو متدل بالفاعل بتمام هويته ، وحيثيته ، بحيث لا يملك واقعية سوى التعلّق والربط بموجده ، وليس له شأن سوى الحاجة والفقر والتعلّق ، على نحو يكون الفقر عين ذاته والتدلّي عين حقيقته ، لا أمرا زائدا على ذاته ، وإلّا يلزم أن يكون في حدّ ذاته غنيّا ، ثم صار محتاجا وهو عين الانقلاب الباطل بالضرورة إذ كيف يتصوّر أن ينقلب الغنيّ بالذات إلى الفقير بالعرض.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ الإنسان مخلوق لله ومعلول له فقير في حدّ ذاته وكيانه ، وما هذا شأنه لا يستغني في شئونه وأفعاله