كما أنّ المجبّرة لجئوا إلى الجبر ونفي العلّية والقدرة والاختيار عن العباد لصيانة التوحيد في الخالقية وتمجيدا وتعظيما له سبحانه ، ولكنّهم غفلوا عن أنّهم نسبوا إلى الخالق القول ، بالتكليف بما لا يطاق.
روى هشام بن سالم عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : «إنّ الله أكرم من أن يكلّف الناس بما لا يطيقون ، والله أعزّ من أن يكون في سلطانه ما لا يريد». (١)
وأمّا القائل بالأمر بين الأمرين ، فقد حفظ مقام الربوبية والحدود الإمكانية وأعطى لكلّ حقّه.
إن الناقد البصير والقائل بالأمر بين الأمرين له عينان يرى بواحدة منهما مباشرة العلّة القريبة بالفعل بقوته وإرادته وعلمه ، فلا يحكم بالجبر ، ويرى بالأخرى أنّ مبدأ هذه المواهب هو الله سبحانه وأنّ الجميع قائم به فلا يحكم بالتفويض ويختار الوسط.
فالجبري عينه اليمنى عمياء فلا يرى تأثير العلّة القريبة في الفعل ، بل ينظر بعينه اليسرى إلى قيام الجميع بالله تبارك وتعالى.
__________________
(١). البحار ، ٥ / ٤١ الحديث ٦٤.