وقال : «إنّما يلزم التسلسل لو قلنا بانحصار سبب الإرادة في الإرادة ولا نقول به ، بل ندّعي أنّها قد توجد بالجهة الموجودة في المتعلّق ، أعني : المراد ، وقد توجد بالجهة الموجودة في نفسها فيكفي في تحقّقها أحد الأمرين ، وما كان من قبيل الأوّل لا يحتاج إلى إرادة أخرى وما كان من قبيل الثاني حاله حال سائر الأفعال التي يقصدها الفاعل بملاحظة الجهة الموجودة فيها ـ إلى أن قال : ـ والدليل على أنّ الإرادة قد تتحقّق في مصلحة في نفسها هو الوجدان ، لأنّا نرى إمكان أن يقصد الإنسان ، البقاء في المكان الخاص عشرة أيام بملاحظة أنّ صحة الصوم والصلاة التامّتين تتوقف على القصد المذكور ، مع العلم بعدم كون هذا الأثر مترتبا على نفس البقاء واقعا ، ونظير ذلك غير عزيز. (١)
يلاحظ عليه : أنّ الإشكال بعد باق ، إذ لقائل أن يسأل عن تعلّق الإرادة على إيجاد الإرادة فهل هي مسبوقة بإرادة أخرى وهكذا فيتسلسل أو لا؟ فيلزم الجبر.
الجواب الخامس : ما هو المشهور بين المحصلين
إنّ اختيارية كلّ شيء بالإرادة وأمّا اختياريتها ، فبذاتها إذ كل ما بالعرض لا بد وأن ينتهي إلى ما بالذات ، فكما أنّ كل موجود
__________________
(١). درر الفوائد : ٢ / ١٤ ـ ١٥.