الواشين جاء كتاب المتوكّل يحمل براءة الإمام أحمد بن حنبل ممّا اتُّهم به وأوصله بمال جزيل (١).
ويتّضح من كل هذا كيف تميّزت الشيعة بالتقية ، وكيف حُملوا عليها قسراً ، بعد ان لم يجدوا غيرها وسيلة للأمان في تلك العهود التي تناهى فيها الظلم والاضطهاد بحقّهم.
ولعلّ من أوضح ما يصوّر هذه الحقيقة التي لا شبهة فيها ، أنّنا لم نجد من بين رواة الحديث من أهل السُّنّة من يقول مثلاً : حدّثني الشيخ ، ويريد به الإمام مالك بن أنس ، أو أخبرني العبد الصالح ، ويعني به الإمام الشافعي ، أو أنبأني العالِم ، أو سمعت العالم يقول كذا ، ويقصد به الإمام أبا حنيفة.
بينما نجد مثل هذا التعبير مألوفاً عند رواة الحديث من أصحاب أئمّة الشيعة الإمامية ، فقد يقول أحدهم : حدّثني أبو زينب ، ونحن نعلم علم اليقين بأنّه لا يريد غير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وقد يقول : حدّثني العبد الصالح ، أو الشيخ ، أو العالم ، وهو يريد الإمام المضطهد في السجون موسى بن جعفر الكاظم عليهالسلام.
ولا شكّ أن لهذه الألفاظ المستعارة دلالاتها ، والتي يمكن للباحث معرفتها إذا ما أرجعها إلى الظروف السياسية المحيطة بحياة اولئك الرواة ، ومن يروون عنه من الأئمة عليهمالسلام ، إذ لا بدّ وأن تكون هناك مصلحة عائدة للإمام والراوي نفسه ، تُوخّيت بهذا اللفظ المستعار اتّقاءً من معرة الظالمين
__________________
(١) مناقب الإمام أحمد بن حنبل / ابن الجوزي : ٤٤٢ ، حلية الأولياء / أبو نعيم ٢٠٦ : ٩ ٢٠٧.